بيت الجنون )***بقلم الشاعر:عبدالحق الشرعي
بيت الجنون

منحتْ دموعُـكَ السخيَّـةللأوتار نغمـةصرتَ عصفوراًحاملاً على صدرِهِوتحت ريشه حرارَةَ المساءسرتَ في شوارع المدينَةِ العتيقةحيـن يحُلُّ الظَّلامكالغريبِ يَجـوبُفي حكاياتٍ بلا نهايـةيهبُّ فوق وجهِك ريحُهاتجولُ وحـدَكيَسـري ظِلُّكَ
فيلْتَوي على الجُدرانيَنْطَوي حولَ المنازلأنتَ القمركان لَكَ صاحـبماتَ قبل أن يمـوتولم يَعُدْ لِرُوحِكَ الخفيفـةغيرُ جِسْمِكَ العتيـقوفُتُوَّ تِـكَ العنيفة التي وَرِثْتَهاحَمَلْتَهَـا..وسرتَ واضعاً يَدَيْكَ على صَدْرِكَأيُّهـا القمـرعلى النَّوافذِ
المفتوحةوعلى السَّاحِلِ الذي عَمَّرَهُ العابرونوعلى ناطحات السَّحـابوفوقَ الأسواق حيثُ يستريحُ التجَّـارأيُّهـا القمركُـنْ لي !فَلَمْ يَعُدْ لديَّ غير جسمك الصَّامـدلأَسْتَـرِدَّ هـذا الضَّريحوأَسْتَـرِدَّ هـذه الشَّوارعالتي خَسِرْتُها في السِّلْم مرتيـنتسيـرُ وحدَكَ بيـن ما تَدَلَّـىمن الأمانــيوالصُّراخ
والدِّماء فوقَ رأسـكتسيـرُ وحدَكَ حُـرّاًقابضاً على أسرارِ لوعتـيكأنك طائِـر يُحلِّـقعلى الأزقة الضيِّقَة وعنائِهـاتُديرُ وجهَـكَ نحو مَسْكَنٍ مُغْلَـقوالخوفُ يَحْجُبُ الفضُـولَفي عينيـكثم تَنْحَنِـيلكي تُرَاقِبَ الآتي والنَّائيوارتقيْتَ ورقةً بيضـاءَشالَتْهَـا الرِّيــحفَوْقَ فضاءٍ حزيـنكلُّ شيءٍ يحومُ حولَكَويَخْتَفِـي..وكان في طريقِكَ ثُلَّة من الحـرَّاسخَلْفَهُم
يسيـرُ حارسُ المنطقةيكـادُ يمحي آثارَهاجاورتَ النَّهـر والجبلحيث كنتَ كاسياً ثـمَّ عارياتشِفُّ مثـلَ نَسْرِ الجـوِّمـن دُؤَابَةِ السَّمـاءكيف قيَّدوك بالموتوهي سِرُّكَ الجميـل..؟كيف أَسْدَلـوا يديـك..؟يا وحشـةَ الغريبالرَّجلُ المُسِـنُّ لم يزل واقفـايمـدُّ كفَّـهإلـى الذي يَمُـرُّ قُربَـه مُواريـاربمـا
واصلتَ الحديث مع نفسـِكعـن المسارِحِ الفارغةومعارض الأسواقبعد أن تقاسموه بالتَّساويولم يَكُنْ يُصِرُّ حارسُ المنطقةفوقَ خشبةِ المسرَحِ القشيبيرفَع صورةً كبيرةًلِسَيِّد مسرحِ المدينـةعينَـاه تلمعانِ نعمةً وطرباوفوقَ خَـدِّه اللِّحيةُ قد تراكَمَتْوفي فَـنِّ الكسبِ الخسارةحين تختفي العبـَارة
لم تَكُنْ مهرِّجـا أو ممثـلاراقصـاً على الحِبـالتحـوم من يميـن الأرض إلى الشمـالسـرتَ خائفـاًكأنَّـكَ مطـاردوليس لكَ سـوى الوحـدةُ من مَـلاَذوالبشـرُ حولك تجَمَّعُـوامـن قال أنَّـك رغبـتَأن تحيـا فريـداً؟وتمـوتَ فريـدا؟أنت الـذي لم تَنَمْ عينُـكوليست هـذه رغبتُـكمن جاء بِكَ ذرَّةً في بيـتِ الجنـون.
بقلم الشاعر:عبدالحق الشرعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق