الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

(حَدُّ الرَّدى ) **** بقلم الشاعر : هشام مخدوم

 حَــــدُّ الرَّدى


أَمْطَرْتَ مَا لَمْ تُمْطِرِ الأَرْضَ السَّمَا
وَضَرَبْتَ مِنْهَاجَ البَلَاغَةِ سُلَّمَا

أَسْمَعْتَ صُمَّاً إِنْ رَفَعْتَ غِشَاوَةً
لِلعُمْيِ بِلْ أَنْطَقْتَ مِنْهَا الأَبْكَمَا

أَرْسَلْتَهُ حَرْفَاً أَنَارَ لِيَعْرِبٍ
وَ الأَعْجَمِيُّ دَنَا لَهُ كَيْ يَفْهَمَا

مَنَعَتْ صُخُورُ الأَرْضِ مِنْ سُكَّانِهَا
إِلَّا القَصِيدَةَ أَنْ تَكُونَ تَكَلُّمَا

غَطَفَانُ يَا لُبَّ المَكَارِمِ وَالنُّهَى
بَسَّمْتُمُ ثَغْرَ الفَتَى فَتَبَسَّمَا

لَوْ يَزْدَرِيكُمْ غَيْرُكُمْ أَحْسَنْتُمُ
أَبْدَيْتُمُ كَرَمَاً وَصَارَ مُحَشَّمَا

أَشْهَرْتُمُ سَيْفَ العُرُوبَةِ عِنْدَمَا
أَظْهَرْتُمُ حَدَّ الرَّدَى فَتَحَتَّمَا

لَوْ أَنَّنِي أَبْدَلْتُ دِينِيَ غَيْرَهُ
لَرَأَيْتَنِي نَحْوَ المُشَعَّلِ مُحْرِمَا

أَقْدَامُكُمْ مِثْلَ الجُذُورِ رَوَاسِخٌ
وَ رُؤُوسُكُمْ طَاوَلْتُمُوهَا الأَنْجُمَا

رَاجَعْتُ نَفْسِي بَيْنَ خَلوَاتِ الضُّحَى
فَوَجَدْتُ فِيهَا بَوْحَ فَاتِنَةِ اللَّمَى

نَالَتْ مِنْ المَفْتُونِ نَيْلَ غَزَالَةٍ
قَدْ طَوَّقَتْ عِنْدَ العَرِينِ الضَّيْغَمَا

لَوْ شَاءَتِ الأَقْدَارُ أَلَّا نَلْتَقِي
لَوَجَدْتَ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ مُحَطَّمَا

خَرَجَتْ تَجُرُّ اللَّيْثَ مِنْ أَقْرَانِهِ
كَمْ غَانِمَاً أَمْسَى بِعِشْقٍ مَغْنَمَا

مَالِي أَرَى فَوْقَ الكُثَيِّبِ ثُلَّةً
تَأْبَى لِذَا المَخْدُومِ أَنْ تَتَخَدَّمَا

إِنْ قُلْتُ مَدْحَاً كَانَ مَدْحِي بَيْرَقَاً
إِنْ قُلْتُ هَجْوَاً لَاسْتَبَحْتُ مُحَرَّمَا

كَمْ مِنْ سُيوُفٍ لَمْ تَطُلْ رَأْسَ الخَنَا
مِنْ ضَرْبِ أَلْسِنَةِ الهِجَاءِ تَأَلَّمَا

أَوَكُلَّمَا بَالَ اللَّقِيطُ عَلَى الثَّرَى
مِنْ تَحْتِهِ صَغُرَ المُقَلِّدُ أَوْ نَمَا

يَأْبَى قَصِيدِي أَنْ يَكُونَ تَمَلُّقَاً
وَأَبَى المُرَقَّمُ أَنْ يَكُونَ مُرَقَّمَا

وَكَرِهْتُ حُدَّاثَ القَصِيدَةِ كُلَّهُمْ
وَدَنْوتُ أَفْحَلَ مُحْدِثٍ فَاسْتَسْلَمَا 

مِنْ هَوْلَةِ الإِفْحَامِ خِلْتُ كَبِيرَهُمْ
جَسَدَاً كَأَلْوَاحِ الجَلِيدِ مُجَسَّمَا 

إِنِّي إِذَا قَرَعَتْ مُطَبِّلَةُ الوَغَى
لَازَمْتُ صَمْصَامَ الكَوَارِثِ مِعْصَمَا

زَنْدُ المَنَايَا عَادِلٌ وَ مُحَكَّمٌ 
مِنْ ضَرْبَةٍ فَلَقَ المُبَارِزَ تَوْأَمَا

فَتْكَاً وَ طَعْنَاً بِالصَّفِيحَةِ وَ القَنَا
أُهْدِيهِ مَوْتَاً وَاحِدَاً وَ مُقَسَّمَا

إِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِي تُكَرِّمُهُ الدُّنَا
فِيهَا وَجَدْتَ ابْنَ السِّفِيهِ مُكَرَّمَا
 بقلم الشاعر : هشام مخدوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق